[caption id="attachment_98851" align="aligncenter" width="207"] متعب ال مصلح[/caption]
فن قل من يتقنه , ومطلوب قليل من يعمل به في حاضرنا , خلقٌ تطرب له النفوس وتشتاق له مع منغصات الحياة .. مفتاح لأقفال طرأ عليها الصدأ , تربى عليه الصحابة رضوان الله عليهم حتى قادوا به الأمم , وانخرطت فيه أسلافنا حتى أزال الألم , ترى من خلاله الأرض الجدباء ماءً زلال , يبلور الحياة الغامضة لانكشاف ساطع , أمواج من التشاؤم تلم بنا ويتبقى لنا هو مجاديف أمل , إنه ياقراء صحيفتنا الغراء " التفاؤل" .
حينما كشرت عن أنيابها من حولنا الأمم , وازدهرت فيه حضارات سبقتنا بنهم , تساؤل وإزدراءات بمعلومات مغلوطه أو ملفقه ؟ تشاؤم في المجالس والاستراحات , قليل من يعمل وكثير من يشكو !
يقول عدي رضي الله عنه في قصة إسلامه : خرجت حتى أُقـدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فدخلت عليه ، وهو في مسجده ، فسلمت عليه ، فقال : من الرجل ؟ فقلت : عدي بن حاتم ؛ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق بي إلى بيته ، فو الله إنه لعامد بي إليه ، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة ، فاسترقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها ، قال : قلت في نفسي : والله ما هذا بملك ؛ قال : ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بي بيته ، تناول وسادة من أدم محشوة ليفا ، فقذفها إلي ؛ فقال : اجلس على هذه ، قال : قلت : بل أنت فاجلس عليها ، فقال : بل أنت ، فجلست عليها ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض ؛ قال : قلت في نفسي : والله ما هذا بأمر ملك ، ثم قال : إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيا ؟ أي : " صنف من النصرانية " قال : قلت : بلى . ( قال ) : أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع ؟ أي : ربع الغنيمة كان سادات الجاهلية يأخذونه. قال : قلت : بلى ، قال : فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك ؛ قال قلت : أجل والله ، وقال : وعرفت أنه نبي مرسل ، يعلم ما يجهل ؛ ثم قال : لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ، فو الله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخده ؛ ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم ، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها ( حتى ) تزور هذا البيت ، لا تخاف ؛ ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم ، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم ؛ قال : فأسلمت .
ثم قال عدياً ما رأى من صدقه صلى الله عليه وسلم وفيما وعد به يقول : قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة ، والله لتكونن ، قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت ، وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت ، وايم الله لتكونن الثالثة ، ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.
هذا هو ديننا الذي يبعث فينا التفاؤل , وهذه هي شريعتنا الواثقة التي من أخذ بوصاياها أخذ بحظ وافر .
متعب عبدالعزيز المصلح