[caption id="attachment_887" align="aligncenter" width="140"] الشيخ عطالله العتيبي[/caption]
عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم . إخلاص العمل لله . ومناصحة ولاة الأمور . ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ) رواه الترمذي والشافعي وغيرهما .
قال الامام ابن القيم رحمه الله في شرحه لهذا الحديث .
أي لا يبقى في القلب غل ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثه بل تنفي عنه غله وتنقيه منه وتخرجه منه .
فإن القلب يغل مع الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعه والضلال .
فهذه الأمور الثلاثه تملؤه غلا ودغلاً واستخراج أخلاطه بتجريد الإخلاص والنصح متابعة السنه .
فمن أخلص أعماله كله لله ونصح في أموره كلها لعباد الله ولزم الجماعة بالائتلاف وعدم الإختلاف صار قلباً صافياً نقياً وصار لله ولياً ومن كان بخلاف ذلك إمتلأ قلبه من كل آفه وشر والله أعلم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ( يغل بالفتح وهو المشهور ويقال غلى صدره فغل إذا كان ذا غش وضغن وحقد )
وقلب المسلم لا يغل على هذه الخصال الثلاث وهي المذكوره في حديث ( إن الله يرضى لكم ثلاثاً ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم )
فإن الله إذا كان يرضاها لنا لم يكن قلب المؤمن الذي يحب ما يحبه الله يغل عليها ويبغضها ويكرهها فيكون في قلبه عليها غل بل يحبها قلب المؤمن ويرضاها 0
وهذه الثلاث يعني إخلاص العمل . ومناصحة ولاة الأمر . ولزوم جماعة المسلمين . تجمع أصول الدين وقواعده وتجمع الحقوق التي لله ولعباده وتنتظم مصالح الدنيا والأخرة .
وبيان ذلك أن الحقوق قسمان حق لله وحق لعباده . فحق الله . أن نعبده ولا نشرك به شيئاً وحقوق العباد قسمان . خاص وعام .
أما الخاص فمثل بر كل إنسان والديه وحق زوجته وجاره فهذه من فروع الدين لإن المكلف قد يخل عن وجوبها عليه لإن مصلحتها فرديه خاصه وأما الحقوق العام للناس نوعان . رعاه ورعيه .
حقوق الرعاة مناصحتهم ولزوم جماعتهم فإن مصلحتهم لا تتم إلا بإجتماعهم وهم لا يجتمعون على ضلاله بل مصلحة دينهم ودنياهم في اجتماعهم واعتصامهم بحبل الله جميعاً .
وقال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في بيان معنى النصيحة لولاة الأمر من السلطان الأعظم إلى القاضي إلى جميع من ولايته صغيره أو كبيره فهؤلاء لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم وذلك باعتقاد إمامتهم والإعتراف بولايتهم ووجوب طاعتهم بالمعروف وعدم الخروج عليهم وحث الرعية على طاعتهم ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسوله . وبذل ما يستطيع الإنسان من نصيحتهم وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون إليه في رعايتهم كل أحد بحب حالهم والدعاء لهم بالصلاح لهم فإن صلاحهم صلاح لرعيتهم واجتناب سبهم و القدح فيهم وإشاعة مثالبهم فإن في ذلك شراً وضرراً وفساداً كبيراً فمن نصيحتهم الحذر والتحذير من ذلك وعلى من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام ويحصل بها المقصود فإن هذا مطلوب في حق كل أحد وبالأخص ولاة الأمور فإن تنبيههم على هذا الوجه في خير كثير ذلك علامة الصدق وإلاخلاص .
واحذر أيها الناصح لهم على هذا الوجه المحمود أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناس فتقول لهم إني نصحتهم وقلت وقلت فإن هذا عنوان الرياء وعلامة ضعف الإخلاص وفيه أضرار أخر معروفه .
شرح ابن القيم شرحاً موجزاً جميلاً جاء فيه . قوله صلى الله عليه وسلم ( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم ) أبى لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الخصال فإنها تنفي الغل والغش ومفسدات القلب وسخائه .
فالمخلص لله إخلاصه يمنع غل قلبه ويخرجه ويزيله جملة ً لإنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه فلم يبق فيه موضع الغل والغش كما قال تعالى( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) فمن أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء انصرف عنه السوء والفحشاء .
وقوله صلى الله عليه وسلم ( ومناصحة أئمة المسلمين ) وهذا أيضاً مناف للغل والغش فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ويسوؤه ما يسوئهم ويره ما يسرهم وهذا بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم لهم كفعل الرافضة والخوارج المعتزله وغيرهم فإن قلوبهم ممتلئة غلاً وغشاً ولهذا تجد
الرافضة أبعد الناس من الإخلاص وأغشهم للإئمة والأمة وأشدهم بعداً عن جماعة المسلمين .
وقال رحمه الله ( وعلى الناس أن يغضوا عن مساوئ الملوك والإمراء ولا يشتغلوا بسبهم بل يسئلون الله لهم التوفيق فإن سب الملوك والأمراء فيه شر كبير وضرر عام وخاص وربما تجد الساب لهم لم تحدثه نفسه بنصيحتهم يوم من الأيام وهذا عنوان الغش للراعي والرعيه )
وقوله ( فإن دعوتهم تحيط من ورائهم )
هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنى شبه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم المانع من دخول عدوهم عليهم فتلك الدعوه التي هي دعوة الإسلام وهو داخلوها لما كانت سوراً وسياجاً عليهم أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم فالدعوة تجمع شمل الأمة وتلم شعثها وتحيط بها فمن دخل في جماعتها أحاطت به وشملته .
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين ( فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعه والضلاله . فهذه الثلاثه تملئه دغلاً وغلاً ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه . بتجريد الإخلاص والنصح ومتابعة السنه )
وبهذا الشرح الجميل يتضح معنى الحديث ويظهر أن له شأناً عظيماً في شريعة الإسلام .
قال شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بعد ذكر هذه الخصال الثلاث .
لم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها .
دمتم بحفظ الله وهو خير الحافظين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم المحب
عطاالله بن عبدالله بن عطاالله
التعليقات 1
1 pings
نايف العتيبي
10/13/2014 في 1:35 ص[3] رابط التعليق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. ودام الله عليك لباس الصحه والعافيه والستر في الدنيا والاخره
جزاك الله خيراَ