لقد كانت البقرة في الماضي افضل حظا من انسان الحاضر ، فقد كان عمر رضي الله عنه يخاف ان تتعثر بقرة في العراق لأنه لم يمهد لها الطريق وهو يحكم في الحجاز في حين مازال الانسان يناهض للحصول على جزء من كرامته ، وأقصد هنا الانسان العربي أما الغربي فلا وجه للمقارنة هنا ، فقد نال حريته وحقوقه منذ ُ قرون.
مع أن الدين الاسلامي شجع على امعان العقل واستغلاله في كل ما ينفع الأمة ، وقد كان ذلك واضحا في عهد الخلافة الاسلامية حيث ازدهر التعليم والصناعات لدرجة ان الدول الأجنبية كانت تبعث طلابها للدراسة في بلاد المسلمين.
الا أن الأمر اختلف تماما فيما بعد حينما ركن خلفاء المسلمين الى الراحة وحياة الترف وتركو الجهاد والكفاح واستغلوا الدين لتخدير الناس وترهيبهم وصرفهم عن التفكير في الدنيا والزهد فيها وجعلهم يرتجفون في انتظار قيام الساعة بينما ينعمون هم في ملذاتها ، مما خلق عقول متوقفة عن التفكير لا تبالي بما يحدث لها فالعمر قصير لا يستحق العناء ، مما جعلنا نتوقف حقبة من الزمن جعلت الغرب يسبقنا بخطوات سريعة الى المستقبل.
هذه السياسة ما زالت منتهجة فما زال الدين أحد عوامل تخلف وقمع الناس و التأثير عليهم حيث أٌسيء استغلاله لاستمالة عواطف الناس في اتجاه معين فبدلا من استعماله لتحفيز الأمة على النهوض ، استعمل لتخدير العقول واصبح جل ما يتحدثون عنه إرضاع الكبير وحرمة أن تتعرى المرأة لزوجها، الى جانب ذلك توقف حكام العرب عن نصرة الاسلام والمسلمين ، فالإسلام يمتهن والمسلم يذبح ويهان وتسلب كرامته امام اعين العالم كله ولا يحركوا ساكنا مما جعل الكل يتجرأ عليهم وجعلنا كمسلمين نخجل من كوننا مسلمين فقد ركبنا العار.
لقد توقفت هناك عقول الحكام العرب فلم يعودوا قادرين على مجاراة العصر بما فيه من تقلبات وحنكة سياسية ، فعقولهم من الماضي غير قادرة على مجاراة الحاضر بأهواله وسياساته القذرة فأصبحوا تبعا يوجههم أعدائهم حسب اهوائهم وضد دينهم وشعوبهم ليستثيروا تلك الشعوب لتثور في وجه حكامها لما ترى من الضيم والقهر ويتسنى لهم تمرير مخططاتهم الهادفة الى تقسيم واضعاف الأمة.
فتكالب عليهم أعدائهم وتراكمت عليهم المشاكل التي تراخوا عن وأدها في مهدها، ونتج عن ذلك ما نشاهده الآن في عالمنا العربي والاسلامي من منظمات كلها تستغل الدين وتدّعي الدفاع عن المسلمين ونصرتهم كالقاعدة و داعش وغيرهم ، مما جعل الشباب المندفع ينظم اليهم بكثرة ، بينما هم في الواقع منظمات مدفوعة من الخارج والداخل ولها أجندات خاصة تقاتل من أجلها باسم الدين تسببت في تمزيق الأمة الاسلامية واضعافها وشردت الألوف من الناس دون وجه حق.
الذي نخشاه ان يؤدي تخاذل الحكام عن الدفاع عن الاسلام والمسلمين الى انضمام الشعوب وليس الأفراد الى هذه المنظمات لاعتقادها ان ذلك سيعيد لها كرامتها وحقوقها المسلوبة ، وهذا تصور ليس ببعيد بل يوشك على الحدوث ، ولك ان تتخيل مدى الفوضى والدمار والانكسار الذي سيحل بالعرب خاصة
والمسلمين عامة ان حدث ذلك ، لذلك على حكام العرب ان ينهضوا من سباتهم وان يدافعوا عن دينهم وكرامة شعوبهم قبل فوات الأوان.
إن عقل الانسان ليتوقف عن التفكير حينما يرى مدى قدرة منظمات ضعيفة محاصرة وبدون موارد مالية من تصنيع احتياجاتها من السلاح كالصواريخ وبنادق القنص التي تفوقت على الصناعة العالمية ، بينما تعجز الدول العربية بكل ما لديها من امكانات عن فعل ذلك فما زالوا يعتمدون على اعدائهم في تسليح انفسهم ، فلا يجد جوابا الا ان هذه المنظمات تمتلك الارادة والعزم والاصرار واتخاذ القرار بنفسها دون ان يملا عليها.
قد يقول البعض أن غزة انهزمت ، لكن الواقع يقول غير ذلك ، فلأول مرة تطلب اسرائيل هدنة ولأول مرة يطالب اوباما بفك الحصار ولأول مرة يقول الرئيس الأمريكي الأسبق جمي كارتر على واشنطن الاعتراف بحماس كمفاوض سياسي، كما فرضت شروطها وسيفك عنها الحصار قريبا بإذن الله، علاوة على ما اثارته في نفوس العرب والمسلمين من ان النصر ممكن لو تكاتف الجميع بنية صادقة ، كما ألبت الرأي العالمي ضد اسرائيل واظهرت وجهها القبيح وكشفت كذبها وزيف ديمقراطيتها التي تتغنى بها.
لم تكن اسرائيل تتوقع هذه القوة الصاروخية لدى حماس ، فاستفزت حماس لتقوم بحرب هدفها تجربة مصر ومعرفة موقفها بعد السيسي قبل ان يستقر له الأمر ، فان لم يكن معهم فسيؤلبون عليه الرأي العام المصري ويزيحونه عن طريقهم كما فعلوا بمرسي ، ولأن القضية الفلسطينية وقطاع غزة بالذات تكاد تكون الورقة الوحيدة في يد مصر التي تستمد منها قوتها الحفاظ على مكانتها فلن تفرط فيها.
وقد جاراهم السيسي في مبتغاهم ليتم له زمام الأمر وقد حصل على ما يريد على حساب الغزاويين والقضية الفلسطينية ، وستظل مصر تماطل بحل القضية الفلسطينية الى ما لا نهاية لأن نهايتها يعني نهاية دور مصر في المنطقة وتقزيم دورها عالميا.
فارس بلا جواد
التعليقات 10
10 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عيش يومك
08/12/2014 في 11:41 ص[3] رابط التعليق
لا يصح الا الصحيح
ابو حمد
08/13/2014 في 12:16 ص[3] رابط التعليق
في موضوع محير بعد احداث غزة !!!!هل من المنطق ان جميع جيوش الدول العربيه لم تستطع هزيمة اسرائيل؟؟!!!!
ابو نواف
08/13/2014 في 4:47 ص[3] رابط التعليق
صح لسانك وسلم بنانك على اخيار الموضوع
وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى عسى الله ينصر الحق على الباطل بارك الله فيك يابو طلال
غرم الله
08/13/2014 في 9:59 ص[3] رابط التعليق
بارك الله فيك
كلام يكتب بماء الذهب
طرحك جيد واختيار موفق للموضوع
نتمنى المزيد من اطروحاتك الشيقه التي تنبع من ينبوع صافي لايشوبه اي كدر
دام عزك يا وطن
08/13/2014 في 2:14 م[3] رابط التعليق
انانيه بعض الحكام بتضيع العالم العربي
ماجده
08/13/2014 في 5:24 م[3] رابط التعليق
فعلا مقال جميل بس اظن ان مصر الدوله الوحيده اللي بتقف جنب فلسطين وغزه في معظم المواقف وان وصر دائما فتحه مزرعيها ل جميع الدول العربيه الشقيقه واننا مش بنقف جنب فلسطين علشان مصلحه شخصيه بالعكس احنا بنعمل اللي نقدر عليه علشان احنا في الاول والاخر اشقاء واخوان واخوات في الدين الاسلامي وده ﻻزم يكون موقف كل العرب ازاي البلاد العربيه تما تكون اعظم البلاد واحسن البلاد ومنقدرش ع دوله حقيرة زي اسرائيل او دوله مشروع فيها الزنا وبيتقال عليه حريه شخصيه زي امريكا وغيرها من الدول الاجنبيه السزجه ده بأه العار بعينه والله حرام اما يكون دوله زي اخوتنا وشقيقتنا فلسطين ومش نقدر نقف جنبها من عدو الكل البلاد العربيت إسرائيل احنا ببساطه معندناش الشجاعه والله حرام بلد زي دي ربنا هيسألنا كلنا عليها
مسبار الخليج العربي
08/15/2014 في 3:23 ص[3] رابط التعليق
أن السطحية في قراءة التاريخ أو قراءة ما شوه منه طريقان غير سويين لكاتب يريد من القراء يستفيدوا من مقاله وقد نبشت المقال وخرجت بالنقاط التالية :
١- حددت البقرة لشد انتباه المتلقي وأسندت ذلك لعمر رضي الله بينماهو قال:
لو تعثرت دابة أو بغلة ولم ترد بقرة البته فيما روي.
٢- قلت عن الخلفاء بانهم ركنوا إلى الدعة والراحة وخدروا شعوبهم بالدين .وهذا -والله- قمة التجني على زمن انتشار الإسلام وشروق ثقافته على أكثر من نصف المعمورة ولو كانوا كما صورتهم لما فتحت بلاد السند والأندلس وشمال افريقيا وبلاد الشام وطاش قند وماحولهاالم تقرا عن عبد الرحمن الغافقي وعن محمد بن محمد بن القاسم وعن معركة ذات الصواري وعن وعن …. .ثم ما رأيك في وا (معتصماه)
٣- لقد أسهبت في (عروبية )مقالك وجعلت الإسلام تابعا للعروبة بينما لم يعز العرب بغير الإسلام
٤- خاتمة المقال حيث أقحمت نفسك في حديقة الغام بالكاد خرجت سالما من الاتهام بالاخونة أوعدم فهم أسباب ما حصل هناك لان أزرار إطلاق صواريخ أو قل (الألعاب النارية )لانها لم تقتل ولو إسرائيلا واحدا تضعط من الدوحة وبعضها من طهران وأنقره فغزة ليست حماس وما أصاب غزة وأهلها من موت وتدمير هو غيض من فيض من نزوات خالد مشعل النايم على وثير الدمقس وناعم الحرير والسؤال الذي لم يسأله احد ( لماذا لم تطلق صواريخ قراد على إسرائيل وهي متوفرة لديهم وقد هربت لهم من ليبيا ؟
مع قناعتي بحجب تعليقي إلا أني قلت ما استحى عن قوله الآخرون من الحقيقة
وجه الحقيقة
08/16/2014 في 4:42 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل و جريء لكن قد يساء فهمه
فارس بلا جواد
08/18/2014 في 9:19 ص[3] رابط التعليق
أخي مسبار الخليج العربي … نعم حددت البقر ليس لشد انتباه القارئ ، وانما للتقليل من قيمة المواطن في الدول العربية ولعلمك فقد ذكرت البقرة والبغلة والعنزة والدابة ، واذا كانت الدابة هي الأرجح فلا يهم أي الحيوانات اخترت فكلها دواب.
أما اسهابي في العروبة فلقد نزل الدين الاسلامي على العرب قرآنا عربيا بلسان عربي فالعرب هم من احتضن الدعوة ونشروا الاسلام لباقي بلدان العالم ، وهم الأولى في رعايته والدفاع عنه من غيرهم ممن دخلوا الاسلام بالدعوة او بحد السيف.
أما الأخونة فليست تهمةً مع اني لم اتطرق الى الإخوان في مقالي فلا يغرك الاعلام المسير انما حوربوا من قبل الأعداء لأنهم يعلمون خطر انتشار الاسلام السليم الذي ينادون به واتباعه ومدى تأثيره على الشعوب وسرعة انتشاره فهذا ما زلزل عروشهم وتبعهم حكام العرب كرها لا طوعا انما بحكم تأثير القوي على الضعيف واني لأستغرب كيف رأيت خالد مشعل نائما على وثير الدمقس ولم ترى غيرة.
أما ما حدث في غزة من موت ونحوه فلا يمكن ان تحصل على نصر بدون ضحايا فمنذُ ستين سنة والعرب ينشدون نصرا وهم نائمون وهذا لن يحدث.
و بالإجابة على سؤالك ، فما قلته غير صحيح فقد اطلقت كتائب القسام عدة صواريخ قراد ولك ان تتأكد من ذلك بالبحث عن الحقيقة ، أما صواريخ حماس والتي نعتها بأنها ألعاب نارية فلا يهم من اين تنطلق المهم انها تنطلق على العدو فماذا اطلق غيرهم من صواريخ لستين سنة من الانبطاح، هذه الألعاب النارية كما تسميها احدثت الآتي.
1- لأول مرة يطالب الرئيس اوباما وغيرة من الرؤساء الأمريكان بفك الحصار عن غزة
2- لأول مرة تطلب اسرائيل بهدنة
3- لأول مرة يقول الرئيس الأمريكي الأسبق جمي كارتر على واشنطن الاعتراف بحماس كمفاوض سياسي
4- فرضت حماس شروطها وسيفك عنها الحصار قريبا بإذن الله
5- اثارت حماس في نفوس العرب والمسلمين ان النصر ممكن لو تكاتف الجميع بنية صادقة
6- ألبت حماس الرأي العالمي ضد اسرائيل واظهرت وجهها القبيح وكشفت كذبها وزيف ديمقراطيتها التي تتغنى بها
بالنسبة للخلافة الاسلامية اقرأ كلامي مرة ثانية فانا لم انكر ما قدموه للأمة انما قلت اختلف الأمر فيما بعد ولا داعي ان اذكرك ان 36 خليفة في الدولة العباسية أولاد جواري ، وستعرف الكثير مما يدهشك على الرابط التالي:
اسباب سقوط الدولتين الأموية والعباسية لتتأكد من صحة كلامي.
http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=68abb9bcc9bee239
غير معروف
08/19/2014 في 10:51 ص[3] رابط التعليق
صح لسانك اخ محمد فبرنامج الغرب الذي روج له منذ عقود من افتعال الحروب وتقسيم المنطقه وتدميرها ها هو يطبق الان منطقة بعد منطقه على بلادنا الاسلاميه بحيث ان الامور قد اختلطت وليس لك عمل الا ان تنتظر دورك وبدون استعداد وباختصار ان سلاح عدوك لا يمكن ان تحمي نفسك به وبلادنا فيها عدد كبير من الاوفياء فلو استشارهم المسئولون العرب لاعطوهم الحل الذي يمنع الفوضى والتهميش وعدم تطبيق القانون وهو المسئول عن عدم رضى المواطن مما يجعله قنبلة موقوته