في هذه الظروف وهذه الاحداث التي نمر بها لا يسعنا الا الوقوف قلبا وقالبا مع الوطن وهذا أقل ما يمكن تقديمة ولا يمكن في اي حال من الاحوال ترك الوطن يسير وحيدا، فالوطن أغلى ما يملك الانسان وإن جار، كما قال الشاعر " بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وإن ضنوا علي كرام
بلادى وإن هانت على عزيزة
ولو أننى أعرى بها وأجوع "
كثر في الايام الماضية الحديث عن القرارات التنظيمية وكثر معها التفسير والتأويل من قبل أشخاص غير مختصين أثاروا البلبة وأذاعوا الرعب في قلوب أفراد المجتمع الذين نسوا أن الله تكفل برزقهم ورزق أبناءهم وأصبحوا خائفين متوجسين والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم
"وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ "
فالواجب علينا كمجتمع أن لا نخشى على أنفسنا أو على من نعول فقد واجهنا أيام أصعب من هذه واستمرت الحياة بنا لنعيش أجمل اللحظات وكما هو حال هذه الدنيا فالأيام دول بين الناس لذلك لا عجب في تبدل الحال والاحوال فالله سبحانه وتعالى يقول " إن الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"
غير الناس ما بأنفسهم فتغير حالنا ف أصبحنا ننافس بَعضُنَا البعض بالبذخ والإسراف في الطعام والشراب دون الالتفات أو حتى التفكير بمشاعر المحتاجين الذين لا يجدون قوت يمهم وهم ينظرون للملايين المبعثرة والأطعمة التي تكفي لمئات الأشخاص ترمى أمام اعينهم دون إكتراث. لقد بالغ عدد لابأس به من أفراد المجتمع بإبتكار طرق لم يسبقهم عليها احد من العالم بإهدار الأموال والإسراف كلٌ على طريقته، فأهل البادية بالغسيل بدهن العود وشراء النوق بالملايين وإطعامها النقود بدل الأعلاف واصحاب الطبقة المخملية بطلاء سياراتهم بالذهب وشراء السيارات الفارهة وتغيير معالمها بضعف مبلغها الذي يصل لأكثر من مليون ريال او بإقامة الافراح والاحتفالات بعشرات الملايين رغم وجود من هم بحاجة عشرات الريالات !!
لا نحتاج الى تأويلات وتفسيرات وتنبؤات بالمستقبل، فكل ما نحتاج إليه هو تغير ثقافتنا كمجتمع، وشعب، وأفراد. يجب علينا أن نتغير من الداخل ونترك الكثير والكثير من الثقافات الخاطئة والممارسات العشوائية وأن نكون أكثر تنظيماً وتخطيطاً لمستقبلنا.
من يتأمل واقعنا وطريقة حياتنا يرى بوضوح الفوضى العارمة التي نعيشها، فمن يذهب الى البر على سبيل المثال ويرى المكان وقد تركه من مكث به دون تنظيف ودون مبالاه يعرف أن ما يحدث هي ثقافة شعب، ومن يذهب الى الكورنيش بعد أن يتركة مرتادية وهو أشبه بمكب النفايات يعرف أننا كشعب لا نبالي بوطننا حتى وإن تشدقنا بأجمل العبارات. فمن يحب الوطن يجب أن يعمل ويبرهن حبه بالاعمال لا بالأقوال والعبارات الرنانة ..
قبل عدة ايام رأيتُ احد البرامج والذي قارن حال بلداننا العربية بدولة أوروبية وكيف أن للثقافة دور كبير في نهوض الأمة وكيف يعمل أفراد المجتمعات الاخرى من أجل بلدهم وكيف ننتهز نحن الفرص في بلداننا لمصالحنا الشخصية ناسين بلدنا ومجتمعنا وضاربين بكل هذا عرض الحائط.
لا يعني هذا عدم وجود المخلصين ولا يعني أن الجميع كذلك فالحمدلله لدينا الكثير من العادات الحميدة والجميلة ولكن يجب علينا تعزيز الروح الوطنية بالعمل من اجل الوطن لا بالشعارات والاحتفالات التي لا تقدم للوطن او المجتمع أي جديد. فالوطن أسمى من الكلمات والشعارات، الوطن هو العمل بإخلاص من أجل هذه الارض ومن اجل هذه الأجيال والأجيال القادمة، الوطن ما نقوم به وما نعكسه للآخرين لا ما نقوله للآخرين ونقوم بفعل الشئ المعاكس لخلق صورة مشوهه ومتناقضة عنا لدى الغير.
ختاما، لا يعني انتقاد بعض السياسات وبعض القرارات أن المنتقد خائن او يكره هذه الارض بل على العكس تماما كثيرٌ منهم محب ومخلص لهذا الوطن وما انتقاده الا للارتقاء به واعلاء كلمته، فيجب علينا التفريق بين المهاجم الذي يتصيد الاخطاء ويدسُ السم بالعسل وبين المحب المخلص الذي يطرح ما لديه ويتمنى الخير لبلده وأفراد مجتمعة جعلنا الله واياكم ممن يقدمون أكثر مما يأخذون وممن ينفع الله بهم البلاد والعباد وأن تكون بصمتهم ظاهرة بالخير على من أتى بعدهم ..
التعليقات 13
13 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر ناجي الجميلي
10/12/2016 في 10:01 ص[3] رابط التعليق
بارك الله فيك مقال اكثر من رائع
بسام العنزي
10/12/2016 في 3:18 م[3] رابط التعليق
الهياط الاجتماعي وما يصاحبه من طغيان في الإسراف والبذخ والتفاخر بِلا وازع ديني أو خُلقي
أمر مؤسف وحزن. مؤسف كونه أصبح ظاهرة، ومحزن أنه لم يعد هناك تقدير للنعمة.
هذا المقال رائع ومتكامل الفكرة كونك طرحت مشكلة
للأسف نمارسها بشكل يومي وفي النهاية وضعت حلول اتفق معاها بشده فنحن بحاجة الى تغيير بعض ثقافاتنا الخاطئة والمبالغ فيها نوعاً وذلك بتسليط الضوء عليها وتبيان اثرها السلبي الاجتماعي والديني بمثل هذه المقالات والبرامج التوعويه الاخرى.
متعب شكراً بحجم السماء..
المواطن هو رجل الامن الاول
10/12/2016 في 7:18 م[3] رابط التعليق
اخ متعب يعطيك العافية و مما لا شك فيه محبتك وإخلاصك وطرحك الذي فيه تمنياتك الخير للوطن والمواطن . اما الذين يتصيدون الأخطاء فأن الوطنية لاتقف عند غني وفقير هي ولاء للأرض والوطن الذي اعطانا الكثير ولم يبخل علينا في يوم من الايام . من ايام الوجبه المدرسيه الى تعويض سكان عشيرق على سبيل المثال عن أراضيهم واعطائهم قروض سكنية الى التعليم المجاني والعلاج المجاني ( قبل فترة قصيرة زرت صديق يرقد في احد المستشفيات خارج المملكة منعت من الزيارة الا بعد دفع ثمن بطاقة الزيارة) الى حاضر الايام. فالوطن أعطى الكثير والكثير حتى نعيش في أمن وامان وهاهي اللحظة التى وطننا في أمس مايكون ان نقف بجانبه ونرد له بعض ماله في رقابنا حتى نعبر وتحقيق الأهداف المرجوه .
زائر
10/12/2016 في 9:11 م[3] رابط التعليق
شكرا من الاعماق لكاتبنا على هذا المقال الرائع الذى يحكى واقعنا بصراحه وبدون مجامله وكلام زائف من افضل المقالات شكرا
فهيد مطر
10/13/2016 في 1:16 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع .. وطرح راقي وشيق .. شكرًا أخي الأستاذ متعب
فهيد مطر
10/13/2016 في 1:18 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع وطرح راقي ومميز .. شكرًا أخي الأستاذ متعب
تركي
10/13/2016 في 4:31 م[3] رابط التعليق
كلام عقلاني،،
زائر
10/13/2016 في 4:55 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير ..
ومقآل رائع وجميل ..
الله يجملگ ويسعدگ ..
مقآل يستحق الإشآدة ..
دمت بود وتقدرير ..
زائر
10/13/2016 في 6:56 م[3] رابط التعليق
مقال جميل ورائع ..
ربي يسعدگ ..
زائر
10/13/2016 في 10:13 م[3] رابط التعليق
كلام جميل و يحكي واقعنا اللذي نسال الله ان يبدله للأفضل مع بقاء النعم اللتي انعم الله بها علينا و نقول اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
شكراً أستاذ متعب علي طرحك لهذا الموضوع.
زائر
10/13/2016 في 10:42 م[3] رابط التعليق
التعليق
زائر فلاح العتيبي
10/14/2016 في 4:22 ص[3] رابط التعليق
شكرا على الطرح الجيد واستمر ابدعت واثرت
حبشي سعودي .
10/27/2016 في 11:45 ص[3] رابط التعليق
الاخ متعب يعطيك العافية مقال جيد مع ان عنوانه سيىء جداااا ويحصر الوطن بالاغنياء والوطنية للفقراء !!!!!
فالوطنية للجميع وليس لاحد دون غيره ومن الظلم ان تصور ان الاغنياء لاوطنية لديهم !!!!
فقد ظلمت بذلك كثيرين جداااا لاتستطيع عمل واحد بالمليون من اعمالهم للوطن او مجاراتهم باعمالهم وتضحياتهم
خافوااا الله ولاتعمموا فان التعميم ظلم وبهتان وقتل …