الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وصف الله تبارك وتعالى هذه الأمة بصفة مهمة جدا، وهي من أبرز السمات الدالة عليها وهي الوسطية، قال عزوجل( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) البقرة ١٤٣
وقد فسر الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم قوله عزوجل(أمة وسطا) أي عدلا خيارا بما تتوسطون فيه بين الغالي والجافي.
وغني عن البيان أن الوسطية وسيلة لتحقيق مقاصد الشريعة، وهي غاية وهدف أمرنا الشارع تبارك وتعالى بمراعاتها، ولذلك فإن من أبرز سمات الوسطية الإعتدال وعدم الإنحراف عن منهج الصراط المستقيم، والإنحراف يتأتى إما من الإفراط وهو الغلو أو من التفريط وهو الجفاء.
إن الوسطية تعني الإستقامة، قال سبحانه (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير)هود١١٢، الله عزوجل في هذه الآية يأمر من ؟
يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أمته، يأمرهم بالإستقامة وينهاهم أن يطغوا فيحيدوا ويتجاوزوا أوامر الباري عز وجل.
والطريق المؤدي للإستقامة هو الصراط المستقيم، كما قال عز من قائل(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)الانعام١٥٣، وهذا يشمل فعل الطاعات الظاهرة والباطنة وترك المنهيات .
قال عمررضي الله عنه(الإستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب)، ويدل على ذلك قوله تعالى(ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)، أي أن من حاد عن سلوك الصراط المستقيم فقد تخطفه السبل فتتفرق به عن سبيل الله عزوجل.
قال بعض السلف" دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه"، فهذا فيه نفي للغلو وهو التشديد الذي يوقع في الحرج لا محالة، وفيه نفي للجفاء وهو التساهل المقيت الذي يقوّض أركان الدين.
إن من نافلة القول أن الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، وهذا إنما يتحقق بمنهج الوسطية، أما الغلو والجفاء فعلى النقيض من ذلك يجلبان المفاسد ويدرآن المصالح.
من الذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
ولماذا فعل ذلك؟
إنه الصوّام القوّام قارئ القرآن الكريم عبدالرحمن بن ملجم ، الذي أوصى به عمربن الخطاب رضي الله عنه عندما أرسله لعمرو بن العاص رضي الله عنه ليعلم الناس قراءة القرآن الكريم بمصر، قال عمر لعمرو " أرسلت لك رجلا آثرتك به على نفسي " ، هذا الرجل العابد المقرب من أمير المؤمنين ، هو الذي قتل علي بن أبي طالب ! وماذا قال عندما قدموه للقصاص؟
قال اقتلوني شيئا فشيئا، قطعوا أطرافي لأتعذب في سبيل الله !!!.
لماذا فعل ذلك ؟ لأنه صدّق كلام أهل الأهواء وانطلت عليه أكاذيبهم بسبب جهله ، إذ لو كان عالما أو طالب علم لفقه فداحة وشناعة جريمته النكراء،
إذا علينا أن نحذر من العاطفة ونتسلح بالعلم الشرعي ، لنتّقي به فتن الشبهات والشهوات .
ماالذي جعل عمران بن حطان يمتدح إبن ملجم بقوله
ياضربة من تقي ماأراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حينا فأحسبه
أوفى البرية عند الله ميراثا
يعني ابن ملجم أصبح أفضل من ابوبكر وعمروعثمان وطبعا علي، بل وأفضل من النبي عليه الصلاة والسلام والعياذ بالله.
لماذا؟ لأنه قتل عليا رضي الله عنه!.
هذا والعياذ بالله هو الغلو الذي يأتي عند تخلف العلم والتفقه وفشو الجهل، تأملوا كيف يقود صاحبه إلى المهالك .
وسأتكلم عن الجفاء والتفريط وهو الشق الثاني في الإنحراف عن منهج الوسطية في مقال قادم بإذن الله.
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من خيرالناس الذين وصفهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال(خير الناس النمط الأوسط الذين يرجع إليهم الغالي والجافي).
سطام قادم الشمري
مستشار شرعي وقانوني
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
نواف الدوامي
10/28/2017 في 9:26 م[3] رابط التعليق
التعليق
زائر
11/03/2017 في 4:12 م[3] رابط التعليق
مع الاسف التعليق لم يظهر شيخنا الفاضل
الزائر
10/29/2017 في 6:17 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خير احسنت بارك الله فيك على هذه اللمحه المهمه في مفهوم الوسطيه
Aaaa
11/03/2017 في 5:56 ص[3] رابط التعليق
الوسطيه هي الالتزام بالكتاب والسنه على فهم وتطبيق الصحابه .شكرا للانتقاء العميق بالمقالات وننتظر الشق الاخر من الجفاء والانحراف عن منهج الوسطيه .
زائر
11/03/2017 في 4:15 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير
بإذن الله ينشر قريبا