في غفلة من الزمن كانت دول الخليج العربي لا تلوي على شيء سوى البساطة والبساطة فقط . فجأة بعد اكتشاف النفط كل ما فيها بدأ يتغير بشكل متسارع مسببا لمن عايشه الذهول والعجز عن مواكبة ذلك التحول المفاجئ و السريع.
فكان الحل هو الاستعانة بأصحاب الخبرات والمعارف والحرفيين وذوو المهاراة في مختلف المجالات و على مستوى التعليم والصحة والصناعة والانشاء.
فتحت ابوابا لم تكن لتفتح لولا هذا التحول المفاجئ والذي لا يمكن استيعابه ومجاراته بالامكانيات البسيطة والمحدودة وغياب المهارة و التدريب .
وفد لهذه البلاد من الايدي العاملة الجيد والماهر والعادي ومن لا يمتلك المهارة واقل من ذلك وكذلك الاخرق الذي لا يتقن أي شيء ، بعض الوافدين اعتبروا هذه الأرض كالورشة الكبيرة التي يتعلمون فيها الحرف التي لم يستطيعوا تعلمها في اوطانهم فأتقنوها واجادوها على هذه الأرض الى درجة ان اساطين الحرف أصبحوا يتندرون على من تعلم المهنة في الخليج ولعقود طويلة كانت هذه الأرض بمثابة حقل تجارب كل يستعرض تجاربه فيها فإن نجح واصل المسير وأن اخفق التفت لتجربة جديدة.
لا أقول الخاسر الوحيد ولكن اقومها بعبارة الطف " من لم يستفد بشكل جيد" هو (المواطن) صحيح انه استبدل الشظف بالترف الا انه لم يرصد لنفسه مخزونا من المهارة اليدوية التي تعينه على بناء المستقبل وتحقق له الاستدامة .
التغير الاقتصادي المفاجئ نشأ عنه تطور واكتساب مهارات ثقافية وحضارية للمواطنين كانت ملفتة ومنافسة الا انها على مستوى الحرفة اليدوية والصناعة لم تتقدم بل انعدمت وتلاشت مما استدعى التفكير والعمل الجاد لتوطين الفرص وتقليل الاعتماد على الايدي العاملة الوافدة ومن هنا تحديدا برزت على السطح بذرة الصراع بين المواطن والوافد.
نتيجة لها ظهر بعض من الفريقين بصراع تؤججه اصوات نشاز توقد العنصرية وتغذي الغيرة والحسد ولكل وجهة نظره فالمواطن يدعي ان الوافد شاركه في مكتسباته بل قد يصل الى حد الاتهام بانه قد سلبه ثرواته ، و في المقابل الوافد يرد بنبرة تعلوها المنة والنظرة الدونية وبأنه هو السبب في ظهور هذه الثروات ولولاه لكان المواطن لازال يعيش على هامش الحياة .
بين النظريتين تكمن الحقيقة التي تقول أن المواطن لولا حاجته للاستفادة من ثرواته التي لا يستطيع لسبب أو لآخر من الاستفادة منها الا بمساعدة اصحاب الخبرات القادرين على تحقيقها ولو كان بأستطاعته ان يستثمر مالديه بدون مساعدة لما لجأ لاستقدام الوافد ولكنها الحاجة ليس الا.
وفي الطرف الأخر يقع صاحب الخبره (الوافد) فلو لم يكن العائد له من مساعدته للمواطن على الانتفاع بمكتسباته مجزيًا ويحقق من خلالها فرصة ليست موجودة عنده أو انها موجودة ولكنها غير مجديه لما جازف وخاض غمار تجربة الغربة والفراق.
في ضوء ذلك تنجلي الحقيقة وهي ان المسألة مسألة شراكة وقتية تنتهي بتحقيق المصلحة والوصول الى الهدف وليست مسألة استحواذ على ثروات المواطن او قدرات الوافد.
هذه النقطة تحديدا ومن خلالها يحاول الكثير ممن يحبون تعكير صفو الحياة الى دق اسافين الفرقة و زراعة بذور الحقد والكراهية بين المواطنين والوافدين عبر ترويج شعارات براقة ومصطلحات رنانة تدغدغ المشاعر اكثر من ان تسد الرمق .
فهل يصل الطرفان الى درجة من الوعي تقطع الطريق على المتربصين ؟
خالد بن مناحي المطيري
مدرب تنمية بشرية
ومرشد طلابي واخصائي اجتماعي اول
التعليقات 3
3 pings
زائر
04/29/2018 في 6:19 م[3] رابط التعليق
جميل ماذكرت أستاذ خالد ….
ولامست الواقع …
شكرا لك
مجهول ..
04/29/2018 في 7:49 م[3] رابط التعليق
معبر جداً وطرح اكثر من رائع
زائر
05/04/2018 في 7:20 م[3] رابط التعليق
ونعم القول الطيب تحليل اكثر من رائع للواقع أرجو من اصحاب العقول الراقية من المواطنين والوافدين ان يكون هذا المقال هو شعار المرحله الحاليّه