فلا البعد يعني غياب الوجوه ،،،، ولا الشوق يعرف قيد الزمن
نعم هي الحقيقة فالغياب والبعد ليس في الأجساد ، ولكنه بعد الأرواح والمشاعر فلرُبما متلازمين لا تتلاقى قلوبهما وبعيدين يملأهما الحضور المتبادل .
يصدق ذلك على بعض ممن عرفناهم ورحلوا عنا وتركوا لنا طيب الأثر في كل سانحة فلا تذكر منهم إلا عبق ذكراهم .
أكتب خاطرتي هذه وفيها أستذكر شيخ حفر الباطن وقاضيها وابنها البار الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الثنيان الذي قدمَ لحفر الباطن ما لم يقدمه أحد وإن كان الخير بأبنائها موجود إلا أن الشيخ تميز بالعطاء اللامحدود فلا تكاد تطالع عمل خيري أو دعوي إلا وتجد له فيه بصمة وعميق أثر فكان هو همزة الوصل بين المجتمع وبين العمل الخيري والدعوي .
أحب الناس فأحبوه ونال احترامهم وتوافق عليه المجتمع فلا يُذكر في مجلس إلا نالَ الثناء بلا استثناء نحن في ثنائنا على الشيخ رحمه الله تعالى لا نتكلم عن نسج من خيال ولا نتكلم بغلو ومغالطات , فالناس شهود الله في أرضه .
رحل الشيخ ولكن أياديه البيضاء وآثاره لم ترحل فلا تكاد تمر بك الخطى في شارع من شوارع حفر الباطن إلا وترى معلماً خيرياً فهنا مجمع للأيتام واليتيمات و هناك دور تحفيظ قرآن وجمعيات بر وأوقاف قل نظيرها كان للشيخ فيها النصيب الأكبر والسهم الأوفر في إنجازها لم تكن تلك الأعمال الخيرية مقصورة الأثر والنفع على الفئات المقصودة بل تعدت إلى كونها علامات بارزة ومعالمَ شاهقة أشاد بها ولاة الأمر وكبار المسئولين .
برحيل الشيخ نستذكر قول العرب :
لعمرك ما الرزية فقـد مالٍ ولا فرس يموتُ ولا بعير
ولــكن الـرزيـة فـقـد حــــرٍ يـمـوت لمـوته خلق كـثير .
كانت خطب الجمعة في مسجده الجامع ليست كأي خطب تلقى ولكنها كانت دروسٌ تلامس هموم الناس وحاجاتهم وتدعوهم إلى الألفة والمحبة والتكاتف فكان الناس ينتظرون الخطبة تلو الخطبة فكل جمعة كان الموعدُ مع درسٍ جديد إلا أن خطبة ما قبل الحج من كل عام لها طابعها الخاص فكان دائماً ما يكررها في كل موسم مستشهدًا فيها بميمية بن القيم التي زادها صوت الشيخ بهاءً وتألقاً فكان من يستمع له يتمنى ألا يسكت فعلقت في الذاكرة كما علقت صورته وذكراه الطيبة في قلوب الناس .
رحل الشيخ عنا رحلتين فكانت الأولى انتقاله إلى مكة وكانت الأخيرة ارتحاله إلى جوار ربه ، فبرحلته الأولى على رغم بعد المسافة إلا أنه كان حاضراً في كل مناسبة ومحفل, وفي رحلته الأخيرة ندعو الله أن يجمعنا به في مستقر رحمته في عليين.
رحم الله شيخنا أبا عبد الرحمن فقد صدق فيه قول الشاعر :
وأفضـل النــاس بـين الـورى رجـــلٌ ُتقـضى على يـديهِ للنـاسِ حاجاتُ
قد مات قومٌ وما ماتت مكارمهم وعاش قومٌ وهم بين الناس أمواتُ
بقلم / خالد بن مناحي المطيري
مدير كلية المجتمع بحفر الباطن ومرشد طلابي وأخـصائي اجـتماعي أول ومـدرب تنمـيـة بشـريـة .
التعليقات 3
3 pings
ابوزياد
10/08/2018 في 1:22 م[3] رابط التعليق
أبحرت سفينة حروف قلمك النيره في إبداع يداعب الامواج لينثر الإبداع ، مبدع حفظك الله
زائر
10/08/2018 في 2:03 م[3] رابط التعليق
سلمت والله يرحم الشيخ سليمان كان صيته يسبقه بالطيب
زائر
10/08/2018 في 3:07 م[3] رابط التعليق
نسأل الله له المغفرة رالرحمة
فقد كان قائدا للعمل الخيري في محافظة حفر الباطن
افتقدناه وسيفتقده الكثير