رعونة واشنطن مع حلفائها أصبحت تدفع بهم للبحث عن حليف يعتمد عليه اكثر و لا يغير مواقفه بإستمرار مع حلفائه ، فمنذ ادارة جورج الابن ثم اوباما وصولاً الى ترامب رسخت واشنطن انها حليف غير موثوق قد يغير مواقفه بإستمرار ضد حلفائه .
روسيا في الجهه المقابله اثبت مراراً في السنوات الاخيرة انها حليف موثوق يحترم اتفاقياته مع حلفائه ، و تعمل الادارة الروسية بوضوح تام مع حلفائها وأصدقائها و المتعاملين معها اقتصادياً .
الرياض تدرك هذا الامر منذ ادارة الرئيس الراحل رونالد ريغن ، و واشنطن أيضاً تدرك ان الرياض لديها خطوط حمراء لا تسمح بتجاوزها حتى من اقرب حلفاؤها ، و طرد السفير الامريكي في الثمانينيات دليل ساطع على حزم الرياض بهذا الخصوص .
واليوم نحن على مفترق طرق مع واشنطن التي (كذبت) بخصوص حظر النفط الايراني واعطت ( منفردة وبدون اعلام حلفاؤها) استثناء لثماني دول لشراء نفط طهران ، فكان الرد السعودي المباشر هو اعلان خفظ الانتاج و إخراج ١.٢٥ مليون برميل خلال شهرين من السوق النفطيه ، ونرى ارتداد سعر البرميل اثر اعلان وزير الطاقه السعودي عن هذا الإجراء .
وقد راقبنا عن كثب الاوراق السياسيه التي لوّح بها ولي العهد السعودي بوجة واشنطن في قمة العشرين ، فالقاءات مع خصوم واشنطن ( روسيا و الصين و الهند ) بالاضافة الى ( فرنسا و كوريا الجنوبية و اليابان وحتى بريطانيا ) تقول ان الرياض لديها خيارات عديده للإستعاضه بها عن واشنطن التي تركت العبث الذي يقوم به اردوغان و القزم القطري يستمر دون ردع .
واعتقد ان الرياض بدأت فعلاً بإعادة النظر بتحالفها الاستراتيجي مع واشنطن وهذا أصبحت تعلمه ادارة ترامب بشكل شديد الوضوح .
فمن يراقب تصريحات كبار مسؤولي ادارة ترامب ( وزير الخارجيه و وزير الدفاع و مستشار الامن القومي ) يدرك ان ادارة ترامب تقوم بعملية ( الحد من الأضرار ) التي حدثت بعد تعاطي واشنطن السلبي في قضية خاشقجي ، الادارة السلبيه التي قامت بها واشنطن لملف الابتزاز التركي لقضية خاشقجي كان مفترق طرق حقيقي بالنسبه للرياض .
صحيح ان توقيت حدوث قضية خاشقجي جاء في وقت بالغ الدقه للإدارة الامريكية التي كانت تخوض الانتخابات النصفيه ، لكن انعكاس ذلك التعاطي الامريكي مع القضيه جعل الرياض تعيد النظر جدياً بتحالفها مع واشنطن .
روسيا دعمت الرياض في قضية خاشقجي و طبعاً هذا الدعم ليس مجاني بل إشارة روسيه الى السعودية انها مشروع حليف اكثر دعماً من الحليف الامريكي الذي يتخلى عن حلفائه لأسباب انتخابيه او اقتصادية كما تمارسه واشنطن مع حلفاؤها مثل ( كندا و المكسيك و فرنسا و المانيا ) .
قضية خاشقجي فضحت كثير من المواقف ، فقد حاول اردوغان استغلالها لإبتزاز واشنطن و الرياض لكن اصبح واضحاً وخصوصاً بعد قمة العشرين ان هذا الابتزاز فشل بل وضع تركيا تحت ضغط معاكس ، وسنرى قريباً كيف ستعاقب الرياض اردوغان على هذا السلوك .
فعلى المدى القصير و المتوسط و البعيد الرياض لديها كامل القدره على امتصاص الضغط الذي حاول اردوغان إبقاؤه مرتفعاً ضد الرياض لكنه لم يحسب أبداً قدرة الرياض الهائلة جداً على تغيير المواقف الدولية التي وان بدى بعضها ضد الرياض و اصطف مع اردوغان ( مرحلياً) فتلك الدول ستغير مواقفها مع الوقت لعدة اسباب اهم تلك الأسباب اقتصادية بحته و بعضها سيتغير لوجود خلافات عميقه مع انقرة كالموقف الألماني و الفرنسي و النمساوي و اليوناني في اوروبا .
الرياض ستكسب الكثير على المدى البعيد على خلفية الحمله ضدها في قضية خاشقجي ، فقد احرق كثيرون أوراقهم مع الرياض و عمّق الكثيرون خلافهم مع الرياض مثل كندا و الدانمارك مثلاً .
بينما الخاسر الأكبر على المدى المتوسط و البعيد هو واشنطن ، فالتباعد السعودي الامريكي سيتبعه تباعد كثير من الدول الاسلامية و العربية عن واشنطن بالاضافة الى الدول الأوروبية التي تشعر بالضيق من عجرفة واشنطن بالتعاطي معها ، وهذا سيجعل البديل لواشنطن هو موسكو و بيجين .
سنشاهد غزل امريكي واضح للرياض لكن قد يكون الشرخ الذي حدث غير قابل للمعالجة بسهوله .
الخلاصة :
( خيارات الرياض متعددة و قوتها الاقتصاديه و وزنها الجيوسياسي ثقيل جداً في الساحة الدولية و خسارتها دائماً محدوده بالمقارنة مع مكاسبها ، فالدولة السعودية لديها دائماً البديل الجاهز على جميع الأصعدة ).
اللهم إحفظ بلادنا و أدم عليها نعمة الامن و إحفظ ولاة امورنا و خذ بأيديهم الى ما تحب و ترضى .
بقلم / سلمان الحميدي الشمري
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
محلل فاضي
12/11/2018 في 8:52 م[3] رابط التعليق
شكرا على هذه المقاله ولكن اعتقد فيها الكثير من المغالطات
العلاقه السعوديه الامريكيه علاقه استراتيجه وليست علاقه عابره .. وماتشاهده من افعال ترامب لايمثل الموسسات الامريكيه التي في النهايه تحدد السياسه الامريكيه رغم مايظهر للعامه ان من يقودها الرئيس .. وهو ان حاد عنها لتم تنحيته بكل بساطه او عدم ترشيحه لولاية ثانيه وهذا شهدناه كثيرا في العقود السابقه .
كلينتون حين احرقو صورته الذهنيه لدى المواطن الامريكي وهذا مثال بسيط غير من اقيل من خلال تسريبات صحفيه كقضية
( وتر جيت ) .
روسيا ومن خلال العقود الماضيه هي حليف لايوثق به وموقفه مع صدام حسين وكيف تخلى عنه في عام ١٩٩٠ م / وعام ٢٠٠٣ رغم عدم اتفاقنا بما قام به الا انه يعطي مؤشرا خطيرا على مدى ثبات الموقف الروسي الذي يسهل شرائه بالمال او بالعقود وازاحته عن المشهد بكل سهوله .. لانها في النهايه روسيا تحت تسير تحت مظلة امريكا والذي اعطاها بعض الوهج هذه الايام هي موقفها مع الاسد في سوريا والذي قدم لها سوريا على صحن من ذهب .
الصين قوة اقتصاديه مرعبه ونتفق على ذلك ولكن تضل دوله منكمشه على نفسها وتخاف على اقتصادها من سطوة القوة الامريكيه .. والتلويح الدائم بالعقوبات التي فرملت قوتها طموحاتها العسكريه ولنا مثال في ذلك حين تخلى الروس والصينيين عن رئيس كوريا الشمالية.
لذا اذا كان هناك عثرات في العلاقات السعوديه الامريكيه تعالج دبلوماسيا بعيدا عن الدب الروسي والتنين الصيني .. ودمت بود
زائر
12/11/2018 في 10:24 م[3] رابط التعليق
التعليق
Meshari Alshammari
12/12/2018 في 1:01 ص[3] رابط التعليق
سلمت اناملك أ. سلمان وطرح موفق وسلسل. استمر يابطل
زائر
12/12/2018 في 1:04 ص[3] رابط التعليق
كل الشكر لك على هذا المقال الذي لم اهتم الا بأخره وهو الدعاء نسئل الله ان يديم علينا هذه النعم التي نحن بها وان ينصر ولاة امرنا على الخير
كثير مانسمع من بعض اشخاص اما في مجلس او عمل يحلل وينتقد الحكومه وسياستها وهو لايعرف حتى كتابة اسمه بل يستمع للاعلام المظلل ويردد كالبغبغاء
لك كل الاحترام مره اخرى
سعود العتيبي ( فارس بلا جواد )
12/12/2018 في 8:01 ص[3] رابط التعليق
تحليل جميل وسليم، يعطيك العافية.
زائر
12/13/2018 في 10:44 ص[3] رابط التعليق
التحالف مع الله اضمن