مع أن الغراب طير ذكي، الا انه اثبت ان الذكاء وحده لا يكفي فالتجربة خير برهان، وأن من لم يتعلم من أخطاء غيره يقع في نفس الخطأ.
هناك من يدعو الى الإنفتاح على العالم، فالعالم اليوم اصبح قرية واحدة بوجود التطور الهائل في وسائل التواصل وعالم السوشيال ميديا المجنون الذي اصبح سريعا الى درجة يصعب اللحاق به، فما نشاهده من تطور سريع يكاد يسبق العقل البشري وتوقعاته، مما يجعلنا في حالة من الرعب لا نملك معها القدرة على توقع ما سيحدث في المستقبل من قفزات في هذا المجال قد تتوقف عندها العقول.
وهذا شيء جميل فنحن لا نعيش وحدنا على هذا الكوكب، ولكن هذا لا يعني أن يفرض علينا ذلك وأن لا نميز بين الغث والسمين وأن نقبل الغث والمسيء كأمر واقع، فنحن مجتمع لنا خصوصية دينية وثقافية ولنا عادات وتقاليد متميزة يجب الحفاظ عليها فهي تعتبر في بعض الأحيان صمام أمان بيننا وبين الإنفلات والفوضى وهي ما يجعلنا مميزين عن غيرنا تميزا نحسد عليه.
حينما تأتي هذه الدعوات من شخص عادي فقد لا يلقى لها بالا، ولكن حينما تأتي من شخص مشهور ومعروف عبرالسوشيال ميديا بين أفراد المجتمع وله جماهير مقتنعة ومعجبة به، فإن كلامه سيكون له تأثيرا كبيرا على أفراد المجتمع وبالتالي القبول بما يقول واعتباره من المسلمات، وهنا يكمن الخطر ويأتي دور الوهن الذي سيجعلنا تابعين لا نحرك ساكنا فكلما يأتي بعد ذلك سيصبح طبيعيا إلى أن ننسلخ من كل مبادئنا ونخرج من جلباب أجدادنا الذين كانوا رمزا لكل ما هو مشرف.
بالطبع كلامي هذا قد لا يعجب البعض وبلا شك سيجد مقاومة ممن يدعون الى الإنفتاح المتحرر من كل القيود ويدورون في فلك الليبرالية والعلمانية فحن وهم نسير في اتجاهين متخالفين وفي خطين مستقيمين لا يمكن أن يلتقيان.
إن المتابع لمنابر التواصل الاجتماعي من توتر وفيسبوك وغيرها، يجد ان هناك من لا يضيع فرصة صغرت او كبرت لمهاجمة الدين الا فعل، وهذا يعني ان ما ترونه وتسمعونه من هذه الدعوات ما هو الا بداية تدحرج كرة الثلج التي ستستمربالكبر الى ان تدك كل ما يقف في طريها، عندها سيسأل الجميع نفسه أنا من انا بعد ان فقد كل ما يربطه بدينه وهويته وجذوره، كما فقد الغراب مشيته بتقليده لمشية الحمامة.
نحن نستطيع ان نستفيد من هذا التطور وان نجاريه، فلا يوجد ما يمنع من ذلك، انما بإنتقاء ما يفيدنا وترك ما يضرنا والمحافظة على كياننا وهويتنا الأصلية في عالم تميز بالتقليد.
سعود العتيبي