تعلمنا في أدبيات علم الأزمات وإدارتها والمخاطر وإدارتها بأنها ليست وليدة اليوم وإنما ارتبط وجودها بوجود سيدنا آدم علية السلام الذي تفوق على الملائكة بالمعلومات بعد أن علمه الله سبحانه ، فالمعلومات تعد أكبر قوة لمتخذ القرار .
تعلمنا أن علم الأزمات ارتبط بالإنسان وعبثه وأن هذا العلم أستقل بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام ١٩٦١ م
عندما نادى وزير الدفاع الأمريكي خلال أزمة الصواريخ بين روسيا وأمريكا بضرورة وجود هذا العلم ، كما تعلمنا بأن المخاطر ارتبطت بما يحدث خارج إرادة الإنسان وأن على الإنسان العمل على إدارة ما بعد الكارثة .
تعلمنا في إدارة الأزمات على الاستفادة من تجارب الماضي في التعامل مع الأزمات المستجدة ولكن بقاعدة ( تشابه الأعراض لا يعني تشابه الأمراض )،ولذلك لابد من التعلم على التنبؤ بالأزمات وحدوثها كونها لها أعراض يمكن اكتشافها والقضاء عليها في بدايتها .
تعلمنا أن لكل أزمة سلبيات يجب العمل على معالجتها وتوحيد الجهود لذلك ، كما أن للأزمات إيجابيات يمكن الاستفادة منها والبناء عليها ، ومن ايجابيات أزمة جائحة كورونا التي استطعت رصدها وتحديدها من وجهة نظري مايلي :-
١- التعليم . أول المستفيدين الطلاب والمدرسين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات فقد تم تفعيل التعليم الإلكتروني واثبت نجاحه وكل واحد بدأ يعرف ماذا يعني LMS و البلاك بورد وبالتالي تم تقوية جانب الضعف وكسر جانب الخوف .
٢- زيادة الوعي . أصبح لدى الناس وعي عالي بالمخاطر والتعامل مع الأزمات وتحليل المحتوى الإعلامي بشكل عملي والتعامل مع المخاطر بجدية .
٣- مصدر المعلومة . حرص المتلقي الى استقاء المعلومة من مصدرها الأصلي سواء في اتباع الأنظمة والتعليمات الصادرة من الدولة تجاه التعامل مع الأزمة والابتعاد عن الشائعات التي أصبحت مكشوفة مهما غلفت .
٤- المناسبات .انتهاء مظاهر الإسراف التي ابتلينا بها مؤخر حيث كنا نجد النعم مكبوبة ومرميه بشكل تقشعر منها الأبدان وتهتز له النفوس .
٥- الزواجات والأفراح . جرت هذه الأيام في رونق خاص بعد الاقتصار في مناسبات الأفراح ( الزواجات ) على الأقارب وبعدد محدود جدا وأصبحت وليمة الزواج لا تزيد عن ذبيحة واحدة ، أليست هذه نعمة بعد أن وفر المتزوج الكثير من المصاريف و تحمل ديون حتى يقيم مناسبة ما يعرف من جاء ومن غادر . وكذا يقيم مناسبة اغلبها ترمى وتهدر النعم ، ليتها تستمر .
٦- العزاء . تم تطبيق السنة في العزاء في المقبرة والتلفون وفي الشارع وفي المنزل بعدد محدود وانعدمت مظاهر الواجبات والتجمعات ومضايقة أهل العزاء والجيران .
٧- المزايدات أمام الميكروفونات . بكلام مكرر وسجع في غير محله دون مراعاة كبار السن وعدم قدرتهم على الوقوف وكل هم المتحدث أن يقال له ما شاء على خطبتك وكلامك ، الكلام زينته وجماله في اختصاره هدفه .
٨- الإعلام الشعبي . يحتاج الى اعادة نظر في محتواه ورسالته وأهدافه وإعادة صياغتها حيال المحافظة على الإيجابيات التي تم اكتسابها من هذه الأزمة في ضبط المناسبات والإسراف والصرف المالي الذي في غير محله ، كون رسالته الحالية تدعو للتباهي والإسراف والتجمعات والمظاهر التي في غير محلها ، فالمفروض ان يكون الاعلام محفز في رسالته وأهدافه الى ما يخدم المجتمع .
في الختام ... لا أريد سرد الكثير من الإيجابيات حتى لا يمل القارئ فالإيجابيات كثيرة ولكن حاولت ذكر أهمها من وجهة نظري حتى نضع أمامنا في البداية مخافة الله سبحانه وتعالى ، ثم نضج مجتمعنا في الحد من الإسراف الذي في غير محله ، ويتحمل الإعلام وخاصة الشعبي جزء كبير من فرض هذه الثقافة كون رسالته الحالية تدعوا لتباهي بالإسراف والتجمعات التي في غير محلها ........... والسلام
بقلم د. فيصل معيض السميري ( الطموح )