لا يخفى علينا جميعاً كمربين من آباءٍ ومعلمين دور التربية قبل التعليم فبها تتأسس الأجيال ومن خلالها نستطيع غرس القيم والمبادىء فينفوسهم لهذا أحببتُ ربط بعضٍ من طرق التربية الممزوجة بالقيادة بقصة يوسف عليه السلام على أجزاء ، والتي أسأل الله أن تكون عظيمةًفي النفوس خالدةً في العقول والقلوب.
"إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ " (4)
حل المشكلات ، اتخاذ القرارات وجميع التغييرات تقوم على أساس المبادرة والتي تعني فيها أنَّ الشخص يكسر حاجزالخوف ، التردد أو الارتباك باتخاذ الخطوة الأولى المتمركزة حول المبادرة أو كما تسمى مرحلة الإقدام والتي تتجلى فيهاكل الخطوات القادمة ومن هنا اتخذ يوسف عليه السلام من المبادرةِ خطوةً أولى في قصِّ رؤياه على والده يعقوب عليهالسلام ، لتكون فيها تحقيق كل مراحل حياته القادمة بدءاً من غياهب الجب حتى صار على خزائن الأرضِ وزيراً.
"قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (5)
تستند هذه الآية على ثلاثةِِ مبادىء ( التعامل مع الطفل في مرحلة الخيال من عمره ، كتمان السر وحسن النية ).
بعض الأسر توبخ أطفالها عندما يكذبون وتهددهم بالنَّار وغضبِ الله عليهم حينما يقولون ( الكذَّاب ربي يوديه النَّار )ليحققوا بذلك ارتباطاً عند البعض منهم على أنَّ المذب مرتبطٌ بالنار وبهذا هم يُنفرونهم من إقامة علاقةٍ تقوم على مبدأالقوة بينهم وبين الله ولم يعلموا أنَّ الأطفال لم يُفرقوا في سِن مبكرة بين الحقيقة والخيال لذلك على الأسرة أن تُنمي ذلكالجانب لديه بطريقةٍ إيجابية بعيدةً عن وصفه بالكذب من خلال كتابة قصة أو روايتها على سبيل المثال وعدم الإيضاحللطفل بطريقةٍ مباشرة أنك تعلمُ يقيناً أنَّه كاذب ولكن يمكنك الإشارة إلى قيمةِ الصدق من خلال رواية بعض القصص لأطفالك أو من تقوم بتعليمهم ومن هنا جاء في القرآن الكريم كلمة " لا تقصص " والتي قد تكون فيها نوع من الخيال لكونه في مرحلة الطفولة ولم تكن الكلمة " لا تقص " والتي تتشكل فيها مرحلة النضج بين منطقتي الحقيقة والخيالولكن الحال هنا يختلف مع يوسف عليه السلام فهو لم يكذب في الرؤيا حينما ذكرها لوالده لأنَّ الله اختاره لِيعلمه من تأويل الأحاديث ، وهناك درسٌ قرآني عظيم في عدم الإفصاح عن كل أمرٍ للآخرين وهذا هو كتمان السر ، فاستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فالبعض لا يكاد يكتُم خبراً سيئاً أو مبهجاً إلاَّ وقد أخبر به ولا يعلم أنه قد يُؤذى من أحدهم أما مبدأ إحسان النية بالآخرين وعدم وصفهم بالسيئيين أو أصحاب النوايا الخبيثة وأنت لم ترى من أفعالهم شيئاً يضرك فالبعض نجده يتهم الآخرين بتهمٍ ليس له فيها دليل وتتجلى هذه السمة " حسن النية " حينما نسب يعقوب عليه السلام هذا الكيد من الشيطان وليس من إخوته استناداً إلى قوله تعالى "إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (5)
شهد العسكر