في واقعنا بعض المشاهد التي تتكرر كثيرا على مستوى الأسرة الصغيرة او في المجتمع الكبير من هذه المشاهد ابتلاء كثير من البيوت بابن مراهق طائش لا يحسن التصرف ويجلب الكوارث بأفعاله غير المسئولة ويوقع نفسه في المشاكل ويصغي لمن يريد به السوء وينفر من الناصح الأمين ويجفو القريب ويحتضن الغرباء وفي داخله معاناة واعتقاد بأنه اقل أولئك ، يتأثر بهم ويقلدهم في كل شيء ، وفي المقابل يرى في نفسه بأنه الاوسع اطلاعاً والأكثر معرفة والاعمق ثقافة من والديه وممن حوله ، ومع ذلك سرعان ما يقع في المشكلة تلو الأخرى ولا يجد الا اسرته ومحيطه القريب يتحملون تبعات مشاكله ويعذرون اخطاءه ، ولكن مع تكرار الخطأ وعدم فهم الرسالة الحانية وتجنباً للوقوع في دائرة الخطر وعند نقطة معينة يتراجع المربي خطوات للوراء مظهراً الوجه الخفي متعاملاً بغير المألوف مستبدلاً المعاملة الرقيقة والدلال الابوي والتأييد المستمر والاحتضان الدائم والسخاء المفرط بحزم و شدة الغرض منهما إيصال رسالة مفادها ان ما يقدم ليس حقا مكتسباً او اتاوة مفروضة يجب أن تُدفع ، وان البقاء ضمن محيط الأسرة مرهون بسلوكيات محكومة أخلاقياً من المصلحة يجب أن يراعيها الجميع ، وان الممارسات الصبيانية الطائشة وانكار الجميل والتحريض و استعداء الاخرين ضد كل ما هو عائلي وإظهار كبراء الأسرة بمظهر من لا يحسن التدبير ستوصل ولي الأمر الى نقطة تجعله يغير اتجاه البوصلة في معاملة هذا الطائش ، والتي تتدرج قسوتها حتى تصل الى عزله عن محيطه الآمن وركنه الشديد الذي طالما التجأ اليه ووجد فيه طوق النجاة .
عندها سيدرك انه أصبح في مهب الريح بلا سند وبلا مأوى تتخطفه ايدي الشياطين من كل اتجاه وانه في مفترق طرق فأما أن يتمادى في طيشه ويستمر في غيه وهو يعلم في قرارة نفسه ان مستقبله في هذه الحالة مظلم وطريقه وعرة ، او ان يتوب ويعود إلى رشده عندها سيجد اهله بانتظاره يرحبون فيه ويصفحون عنه ويعطفون عليه .
مراهقنا اليوم هم سياسيو لبنان وزعماء كثير من احزابه ممن يديرون البلاد من خارج الحدود ( الذين بدلوا نعمة الله كفراً واحلوا قومهم دار البوار ) وممن قرأوا الدعم السعودي للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية قراءة خاطئة وظنوا أن المنح والهبات والمساعدات والمواقف السعودية الكبيرة معهم حق مطلق ، وادخل في عقولهم أن ذلك نتيجة ضعف وأنهم قادرين على ابتزاز السعودية وتوجيهها بحسب اجنداتهم الأجنبية من خلال تلويحهم من حين لآخر بالارتماء في أحضان الأعداء بداية في إسرائيل وانتهاء بإيران ، ومع ذلك ما زالت السعودية في كل محفل تطيل النفَس وتضبط النَفس وتعطف وتحنو وتنفق وتدفع وتدافع عن لبنان رغم ما تعانيه منها من استفزازات ومواجهات
خالد مناحي المطيري
مدير العلاقات العامة والإعلام بجامعة حفر الباطن